سورة النازعات - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النازعات)


        


{فَكَذَّب} بأنهما من الله {وَعَصَى} {ثُمَّ أَدْبَرَ} تولى وأعرض عن الإيمان {يَسْعَى} يعمل بالفساد في الأرض. {فَحَشَر} فجمع قومه وجنوده {فَنَادَى} لما اجتمعوا. {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى} فلا رب فوقي. وقيل: أراد أن الأصنام أرباب وأنا ربكم وربها. {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى} قال الحسن وقتادة: عاقبه الله فجعله نكال الآخرة والأولى، أي في الدنيا بالغرق وفي الآخرة بالنار.
وقال مجاهد وجماعة من المفسرين: أراد بالآخرة والأولى كلمتي فرعون قوله: {ما علمت لكم من إله غيري} [القصص- 38] وقوله: {أنا ربكم الأعلى} وكان بينهما أربعون سنة. {إِنَّ فِي ذَلِكَ} الذي فعل بفرعون حين كذب وعصى {لَعِبْرَة} لعظة {لِمَنْ يَخْشَى} الله عز وجل. ثم خاطب منكري البعث فقال: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ} يعني أَخَلْقُكُم بعد الموت أشد عندكم وفي تقديركم أم السماء؟ وهما في قدرة الله واحد، كقوله: {لخلقُ السماوات والأرض أكبر من خلق الناس} [غافر- 57] ثم وصف خلق السماء فقال: {بَنَاهَا} {رَفَعَ سَمْكَهَا} سقفها {فَسَوَّاهَا} بلا شطورولا شقوق ولا فطور. {وَأَغْطَشَ} أظلم {لَيْلَهَا} والغطش والغبش الظلمة {وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} أبرز وأظهر نهارها ونورَها، وأضافهما إلى السماء لأن الظلمة والنور كلاهما ينزل من السماء. {وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ} بعد خلق السماء {دَحَاهَا} بسطها، والدَّحْو البسط. قال ابن عباس: خلق الله الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات، ثم دحا الأرض بعد ذلك.
وقيل: معناه: والأرض مع ذلك دحاها، كقوله عز وجل: {عتل بعد ذلك زنيم} [القلم- 13] أي مع ذلك.


{أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعًا لَّكُمْ ولأنْعَامِكُمْ فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى} يعني النفخة الثانية التي فيها البعث وقامت القيامة، وسميت القيامة: طامة لأنها تطم على كل هائلة من الأمور، فتعلو فوقها وتغمر ما سواها، و{الطامة} عند العرب: الداهية التي لا تُستطاع. {يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ مَا سَعَى} ما عمل في الدنيا من خير وشر. {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى} قال مقاتل يكشف عنها الغطاء فينظر إليها الخلق. {فَأَمَّا مَنْ طَغَى} في كفره. {وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} على الآخرة. {فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} عن المحارم التي تشتهيها، قال مقاتل: هو الرجل يهم بالمعصية فيذكر مقامه للحساب فيتركها. {فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوَى يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} متى ظهورها وثبوتها. {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} لست في شيء من علمها وذكرها، أي لا تعلمها. {إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا} أي منتهى علمها عند الله.


{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} قرأ أبو جعفر: {منذر} بالتنوين أي أنما أنت مخوف من يخاف قيامها، أي: إنما ينفع إنذارك من يخافها. {كَأَنَّهُم} يعني كفار قريش {يَوْمَ يَرَوْنَهَا} يعاينون يوم القيامة {لَمْ يَلْبَثُوا} في الدنيا، وقيل: في قبورهم {إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} قال الفرَّاء: ليس للعشية ضحى، إنما الضحى لصدر النهار، ولكن هذا ظاهر من كلام العرب أن يقولوا: آتيك العشية أو غداتها، إنما معناه: آخر يوم أو أوله، نظيره: قوله: {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار} [الأحقاف- 35].

1 | 2 | 3